العربية

إنهاء الإبادة الجماعية في غزة يتطلب النضال من أجل الاشتراكية

شهد العمال والشباب في جميع أنحاء العالم، برعب وغضب متزايد، أفظع جريمة في القرن الحادي والعشرين، وهي مذبحة إسرائيل بحق الفلسطينيين العزل في غزة.

أسقطت إسرائيل 70 ألف طن من المتفجرات، أي ما عادل ست قنابل مثل تلك التي ضربت هيروشيما، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 51 ألف شخص. كانت 70% من الوفيات المؤكدة من النساء والأطفال.

لا يشمل هذا الرقم عشرات الآلاف المدفونين تحت الأنقاض أو الذين لم يصلوا إلى المستشفى. مقابل كل حالة وفاة مباشرة، قدر الباحثون أنه قد يكون هناك ما بين 3 و15 حالة وفاة غير مباشرة بسبب المرض، ونقص العلاج الطبي والأدوية والغذاء والمياه النظيفة. وإجمالاً، من المرجح أن يتجاوز العدد الحقيقي 200 ألف.

نزح أكثر من 1.9 مليون شخص، أي ما يعادل 90% من السكان، داخلياً. والبنية التحتية العامة والاجتماعية في حالة خراب.

هذه المذبحة الجماعية سياسة متعمدة. استشهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالقصة التوراتية عن تدمير العماليق. وصف وزير الدفاع السابق غالانت الفلسطينيين بأنهم 'حيوانات بشرية'. فرض وزير الدفاع كاتس 'حصاراً كاملًا على غزة'، ووعد بـ'التدمير' فقط. أنشأت إسرائيل وكالة حكومية للتطهير العرقي في غزة، وخطة ترامب هي مخططها.

يحظى نتنياهو بدعم جميع القوى الإمبريالية. تولت الولايات المتحدة، في البداية في عهد بايدن والآن في عهد ترامب، زمام المبادرة، كجزء من خططها لتأمين السيطرة على الشرق الأوسط الغني بالموارد، وهي خطط تهدد الآن بحرب شاملة مع إيران. لن يتسامحوا مع أي معارضة لجرائمهم. اُستخدمت اتهامات كاذبة بـ'معاداة السامية' لقمع الاحتجاجات ضد الإبادة الجماعية بفظاظة وإسكات الأصوات المعارضة.

ليس النظام الصهيوني الإسرائيلي الحليف الوحيد للإمبريالية في الشرق الأوسط. ما حركت الدول العربية ساكناً لمساعدة الفلسطينيين وهم يعملون مع واشنطن لمراقبة سكانهم، وتوسيع التجارة مع إسرائيل، وفي حالة مصر والأردن، يعملون كشرطة حدود لها.

تحدث رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس نيابة عنهم جميعاً عندما ألقى باللوم على حماس بصدد المذبحة، واصفاً أعضاءها'بأبناء العاهرة لعدم استسلامهم لمطالب ترامب ونتنياهو.

إن حكومة إسرائيل المكونة من العنصريين والفاشيين، الملتزمة بإسرائيل التوسعية وحكم الفصل العنصري، ليست استثناءً، كما يزعم منتقدو نتنياهو 'الديمقراطيون' داخل إسرائيل. لقد دعم هؤلاء النقاد أيضاً الهجوم على غزة. إنه تتويج لقمع إسرائيل المستمر للفلسطينيين والحروب المتكررة ضد جيرانها. 

تُمثل غزة لائحة اتهام لاذعة للمشروع الصهيوني برمته. صُوّر تأسيس دولة إسرائيل على أنه الرد على الاضطهاد النازي لليهود الذي انتهى بالهولوكوست. كان من المفترض أن يوفر لهم ملاذاً آمناً. لكن ذلك تحقق في صورة دولة رأسمالية هجّرت شعباً آخر، وحافظت على وجودها بالحرب والقمع.

تطورت إسرائيل إلى مجتمع ممزق بسبب التفاوت الاجتماعي العميق والانقسامات، هيمن عليه المستوطنون اليمينيون المتطرفون والأصوليون الدينيون، ويُعامل فيه العرب كمواطنين من الدرجة الثانية. الشعب اليهودي، الذي ارتبط طويلاً بالحركات التقدمية، وعلى رأسها الحركة الاشتراكية الدولية، متورط الآن في القمع الفظ لشعب بأكمله.

لا تُمثل الدولة الإسرائيلية مصالح الطبقة العاملة اليهودية، ناهيك عن يهود العالم. إنها الأداة السياسية لعصبة فاسدة من رجال العصابات المليارديرات، الذين يحكمون حامية عسكرية تُشرف على المنطقة نيابةً عن واشنطن.

تظاهر الملايين دفاعاً عن الفلسطينيين. لكن هذا لن ينجح من خلال النداءات الأخلاقية الموجهة إلى أي قوة إمبريالية أو حكومة رأسمالية. لا بد من التوجه إلى الطبقة العاملة وإلى أساليب وسياسات الصراع الطبقي. فخلال الأسابيع الماضية، قاطع عمال الموانئ المغاربة السفن التي تُزود إسرائيل بالبضائع، في أحدث مثال على هذا التحرك الطبقي. كما شنّ عمال الموانئ وطواقم الخدمات الأرضية في المطارات في اليونان وبلجيكا وإسبانيا والهند حملات مقاطعة مماثلة.

في إسرائيل، شهدت تل أبيب احتجاجات شارك فيها الآلاف رافعين صورًا للرهائن ولأطفال غزة القتلى، مرددين النداء الذي سُمع في يوم ذكرى الهولوكوست: 'لن يتكرر هذا أبداً!'.

الظروف مهيأة لإنهاء الانقسامات الوطنية بين العمال وتطوير حركة اشتراكية جماهيرية مناهضة للإبادة الجماعية والحرب.

لكن هذا يعني القطيعة مع الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية والستالينية والقومية الفاسدة. ويعني إنهاء سيطرة بيروقراطيات النقابات العمالية على الطبقة العاملة. ولكن الأهم من ذلك كله، يعني بناء قيادة جديدة تتخذ من مقولة كارل ماركس الشهيرة: 'يا عمال العالم، اتحدوا!' شعاراً لها.

Loading