شكّل خطاب دونالد ترامب في فورت براغ يوم الثلاثاء تصعيداً هائلاً في مؤامرته، التي تكشفت، لإقامة ديكتاتورية عسكرية تحت سيطرته الشخصية. ما كان خطاب ترامب الذي أُلقي في إحدى أكبر القواعد العسكرية في البلاد، و استمر ساعة كاملة من الكذب الفاشي ، سوى إعلان حرب على الشعب الأمريكي.
تباهى ترامب قائلاً: ' قوبل أولئك الحمقى الذين تحدوا الجيش الأمريكي بقوة لا تلين، وروح لا تُقهر، وقوة ساحقة لا تُقهر'. وأضاف: ' تعلم أعداؤنا في مرات عديدة أنه إذا تجرأتَ على تهديد الشعب الأمريكي، فسوف يطاردك جندي أمريكي ويسحقك ويلقي بك في غياهب النسيان'.
أتى التهديد الحقيقي للشعب من البيت الأبيض وزمرته من المتآمرين. إن أزمة الرأسمالية عظيمة إلى درجة أن أصحاب المليارات من أصحاب رؤوس الأموال، الذين يحكم ترامب لصالحهم، يطالبون بتدمير جميع الحقوق التي يضمنها الدستور وإقامة نظام دكتاتوري.
أعلن ترامب أن أداة القمع العنيف التي استخدمتها الإمبريالية الأمريكية في جميع أنحاء العالم ستُستخدم الآن في الداخل: ' ما سُفكت دماء أجيال من أبطال الجيش على شواطئ بعيدة لتشاهد بلدنا يُدمر بغزو وفوضى دول العالم الثالث هنا في الداخل، كما يحدث في كاليفورنيا'.
وصف الاحتجاجات في لوس أنجلوس بأنها 'هجوم شامل على السلام والنظام العام والسيادة الوطنية'، وأعلن أنها تُنفذ 'من قبل مثيري شغب يحملون أعلاماً أجنبية بهدف مواصلة الغزو الأجنبي لبلدنا'. وختم قائلاً: 'لن نسمح لعدو أجنبي بغزو مدينة أمريكية واحتلالها لأن هذا ما يفعلونه'.
وصف ترامب لوس أنجلوس بأنها 'كومة قمامة' من 'الفوضى والاضطراب'، ووصف مواطنيها بـ'الحيوانات'. استخدم ترامب لغة الإبادة الجماعية التي استخدمها وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، الذي استخدم الكلمة نفسها لتبرير القتل الجماعي للفلسطينيين. هذا يُعادل تهديد بفعل ما فعله الجيش الإسرائيلي بغزة في لوس أنجلوس.
بما أنه لا سابقة في التاريخ السياسي الأمريكي لأكاذيب وتهديدات عنيفة بهذا الحجم من رئيس، فقد يكون لخطاب ترامب اللاذع وقعٌ لا يُصدق. لكن ترامب يعني كل كلمة، وهو يُثبت أقواله بالأفعال.
تشتعل آلة القمع في جميع أنحاء البلاد. وفي أحدث فضائحها، اقتاد عناصر دائرة الهجرة والجمارك الأمريكية (ICE) ما يقرب من 100 عامل مهاجر من شركة جلين فالي للأغذية في أوماها، نبراسكا، من مكان عملهم تحت تهديد السلاح يوم الثلاثاء، وحُملوا في حافلات ذات نوافذ معتمة، وفُصلوا عن عائلاتهم.
يُحتجز الشباب المهاجرون في جلسات المحكمة، وهناك تقارير تفيد بأن دائرة الهجرة والجمارك الأمريكية تُجهز لعمليات واسعة النطاق في سياتل وشيكاغو وفيلادلفيا وشمال فرجينيا ونيويورك.
تتركز العملية الانقلابية في العاصمة إذ تتدفق المركبات العسكرية إلى واشنطن العاصمة، مصحوبة بآلاف الجنود والطائرات المقاتلة، بحجة تنظيم 'استعراض' للاحتفال بعيد ميلاد ترامب التاسع والسبعين. ويهدف هذا الاستعراض للقوة إلى القضاء على الديمقراطية الدستورية وإقامة ديكتاتورية رئاسية بحكم الأمر الواقع.
وفي حديثه من البيت الأبيض يوم الاثنين، هدد ترامب قائلاً: 'سيُقابل من يريدون الاحتجاج بقوة هائلة'. وأضاف، بازدراء مطلق للتعديل الأول، أن 'الأشخاص الذين يريدون الاحتجاج' هم 'أشخاص يكرهون بلدنا'.
اكتسبت أفعال ترامب طابعاً صارخاً لدرجة أنه أصبح من المستحيل تقريباً إنكارها. وصف حاكم كاليفورنيا، جافين نيوسوم، ترامب بأنه 'يتصرف كديكتاتور'. وقدمت دعوى قضائية رفعتها حكومة ولاية كاليفورنيا دليلاً قانونياً واضحاً على أن أوامر ترامب انتهكت قانون 'بوس كوميتاتوس'، وأنه أصدر ما يرقى إلى أوامر غير قانونية للحرس الوطني ومشاة البحرية.
لكن نيوسوم والديمقراطيين لا يقترحون شيئاً لوقف أفعال ترامب، سوى الاستئناف أمام المحاكم، وهو ما تعهدت الإدارة بتحديه.
شكى نيوسوم فقط من أن كاليفورنيا 'ما عانت من مشكلة حتى تدخل ترامب'، وأن استخدام الجيش 'أجج التوترات وسحب الموارد من حيث الحاجة الفعلية'. وهو نشر مئات من رجال الشرطة الإضافيين لمهاجمة المتظاهرين، مُقراً بذلك بكامل الفرضية الكاذبة لتعبئة ترامب العسكرية.
إن قيادة الحزب الديمقراطي تشعر بالرعب قبل كل شيء من أن المعارضة الشعبية لانقلاب ترامب سوف تؤدي إلى زعزعة استقرار النظام الرأسمالي بأكمله، وهو النظام الذي يحرصون على الدفاع عنه مثل الجمهوريين.
يُؤجج ترامب غضب الشعب. و بدأت المعارضة الجماهيرية بالتبلور في جميع أنحاء البلاد، مُعبّرةً عن ذلك في المظاهرات التي اندلعت في نفس يوم خطاب ترامب.
خرج عشرات الآلاف إلى شوارع شيكاغو، وهناك مظاهرات حاشدة في نيويورك وبوسطن ومدن أخرى، إلى جانب الاحتجاجات المستمرة في لوس أنجلس.
لكن المطلوب هو توجيه واستراتيجية. يجب على الطبقة العاملة استخدام قوتها الصناعية والاقتصادية الهائلة. يجب توجيه الاحتجاجات نحو التحضير لإضراب عام للطبقة العاملة بأكملها لوقف انقلاب ترامب.
يجب على العمال المطالبة بالانسحاب الفوري لجميع القوات العسكرية، وانسحاب القوات من المدن الأمريكية، ووقف جميع مداهمات الهجرة، وحل جهاز المخابرات والهجرة مثيل (الغستابو).
علينا استخلاص الاستنتاجات السياسية المناسبةإذ يجب محاسبة المسؤولين عن تخطيط وتنفيذ الانقلاب، بمن فيهم المتآمر الرئيسي، قانونياً على أفعالهم الإجرامية. فقبل واحد وخمسين عاماً، أُجبر ريتشارد نيكسون على الاستقالة لاقترافه انتهاكات دستورية لا تُقارن بهجوم ترامب العنيف وغير المسبوق على الشعب.
يجب أن يوحد الهجوم ضد انقلاب ترامب جميع شرائح الطبقة العاملة، بغض النظر عن الجنسية والعرق والجنس وجميع الانقسامات الأخرى. يجب ألا يُفرّق بين المهاجرين والمواليد الأصليين. الولايات المتحدة أمة من المهاجرين، ويشكل العمال المهاجرون جزء كبير وأساسي من القوى العاملة الأمريكية. يجب أن يصبح دفاعهم قضية الطبقة العاملة بأكملها.
يجب أن تكون هذه المعركة دولية. إن الأحداث في الولايات المتحدة جزء من هجوم عالمي أوسع على حقوق العمال. يجب تنظيم أعمال تضامن في جميع أنحاء العالم رداً على إشارة ترامب إلى هجوم عالمي على الطبقة العاملة.
يجب أن تنبع المبادرة من القاعدة. لا يزال جهاز النقابات العمالية AFL-CIO، المرتبط ارتباط وثيق بالدولة وبحزبي الطبقة الحاكمة، مشلولاً ومتواطئاً. إنه لا يفعل شيئاً لتعبئة العمال. لكن على العمال التحرك. يجب أن يطالبوا بتوفير موارد نقاباتهم لتنظيم الدفاع عن زملائهم في العمل وشن هجوم مضاد قوي.
يدعو حزب المساواة الاشتراكية والتحالف الدولي للجان العمالية القاعدية (IWA-RFC) العمال في جميع قطاعات الصناعة والمصانع وأماكن العمل، سواء كانوا منتمين إلى نقابات أم لا، إلى تنظيم لجان قاعدية مستقلة عن الجهاز النقابي. يجب أن يصبح كل مصنع ومكتب وحي مركزًا لمعارضة منظمة لهذا الاعتداء الجسيم على الحقوق الديمقراطية.