العربية
Perspective

احشدوا الطبقة العاملة ضد ديكتاتورية ترامب!

سيتم توزيع هذا البيان في المظاهرات التي ستُقام يوم السبت 14 حزيران /يونيو. ، يعقد موقع 'الاشتراكية العالمية' في 15 حزيران / يونيو اجتماعاً طارئاً عبر الإنترنت بعنوان 'انقلاب ترامب وكيفية إيقافه'. نحث جميع قرائنا على التسجيل والحضور.

يوم السبت 14 حزيران /يونيو، ستُقام احتجاجات في أكثر من 2000 موقع في جميع أنحاء الولايات المتحدة. فبعد أسبوع من المظاهرات، تنزل حشود من العمال والشباب إلى الشوارع في مدن في جميع أنحاء البلاد اعتراضاً على اعتداء ترامب على المهاجرين وتحركاته لإقامة ديكتاتورية رئاسية.

يجب على جميع المتظاهرين أن يدركوا أنهم يواجهون أزمة غير مسبوقة منذ أكثر من قرن، لا تُقارن إلا بالحرب الأهلية. كان الأمر آنذاك صراعاُ مصيرياً ضد حكم قام على استغلال العبيد؛ أما اليوم، فهو صراع مصيري ضد الرأسمالية والأوليغارشية الحاكمة.

،ويُنظم في نفس يوم الاحتجاجات، عرض عسكري ضخم في واشنطن العاصمة، بعد أسبوع من تصاعد عمليات الانتشار العسكري في لوس أنجلوس. يُقام العرض، الذي يُفترض أنه للاحتفال بالذكرى الـ 250 لتأسيس الجيش الأمريكي، في حين أن الغرض الحقيقي منه هو تكريم ترامب في عيد ميلاده التاسع والسبعين، وإظهار سيطرته الشخصية التي لا تُقهر على الجيش.

يُقصد من العرض أن يكون بمنزلة تحذير موجه من ترامب إلى جميع معارضيه بأنه يحكم بقيادة القوات المسلحة والشرطة. يتم إلغاء الإطار الدستوري للضوابط والتوازنات. وبدلاً منه، يُرسي ترامب حكماً رئاسياً يعتمد على مراسيم، يُنفذ من خلال أوامر الطوارئ والقوة العسكرية والعنف الفاشي.

تماشى الاعتداء على السيناتور أليكس باديلا من كاليفورنيا يوم الخميس مع هذه الحملة من الترهيب السياسي والجسدي. تعرض باديلا للمعاملة القاسية والعنيفة وتقييد يديه من قبل عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي أثناء طرحه أسئلة على وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم.

يوم الثلاثاء، ألقى ترامب خطابًا لاذعًا في قاعدة فورت براغ، ندد فيه بالمعارضين والمتظاهرين ووصفهم بـ'الحيوانات' و'الأعداء' الذين يجب سحقهم. وأعلنت نويم في المؤتمر الصحفي نفسه الذي طُرد منه باديلا أن الجيش سيبقى في لوس أنجلوس 'لتحرير المدينة من الاشتراكيين'. هذه هي لغة النازيين. فعندما وصل هتلر إلى السلطة، أعلن هو الآخر أن ذلك كان نهاية الاشتراكية.

كل تصرفات ترامب غير قانونية بشكل صارخ وسافر. يوم الخميس، أصدر قاضٍ فيدرالي في كاليفورنيا حكماً منع نشر الحرس الوطني في لوس أنجلس، وكتب: 'تصرفات ترامب غير قانونية فهي تتجاوز نطاق سلطته القانونية وتنتهك التعديل العاشر لدستور الولايات المتحدة'. وبحلول ليلة الخميس، أوقفت محكمة الاستئناف هذا الأمر مؤقتاً، في انتظار جلسة استماع في 17حزيران / يونيو.

لا ينبغي لأحد أن يتوهم أن القرارات القضائية، ستوقف الإدارة، التي انتهكت بالفعل أحكام المحاكم. ففي وقت سابق من هذا الأسبوع، كرر وزير دفاع ترامب الفاشي، بيت هيجسيث، رفض التصريح بأن البيت الأبيض سيلتزم بحكم قضائي ضده.

ما يجري هو تصعيد هائل للعنف، في الداخل والخارج. عشية العرض العسكري لترامب، شنت إسرائيل مئات الضربات العسكرية ضد إيران. والآن، تتوسع الإبادة الجماعية في غزة لتتحول إلى حرب شاملة في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

تُطرح على المتظاهرين يوم السبت أسئلة جوهرية تتعلق بالمنظور: كيف يُمكن إيقاف هذا؟ كيف يُمكن هزيمة انقلاب ترامب؟

أوضحت أحداث الأسبوع الماضي أمراً واحداً جليا مفاده أن الحزب الديمقراطي لن يُنظم أي معارضة تُذكر. في حين تحدث ترامب بلغة العنف والحرب الأهلية، ردّ الديمقراطيون بدعاوى قضائية ودموع حزن.

ورغم انتقاداتهم الفاترة لتجاوزات ترامب، ردّد الديمقراطيون روايته وساهموا في قمع المعارضة. نشر حاكم كاليفورنيا، جافين نيوسوم، 800 من شرطة الولاية للإشراف على الاعتقالات الجماعية في لوس أنجلوس، بينما حشدت العمدة كارين باس شرطة لوس أنجلوس لقمع الاحتجاجات. الرسالة واضحة: 'دعونا نتعامل مع القمع'.

وتجسد جبن الحزب الديمقراطي 'اليساري' بموقف إليزابيث وارن، التي استغلت، في خضمّ انقلاب ترامب المتكشف، مقال رأي في صحيفة نيويورك تايمز لتُعلن موافقتها على اقتراحه بإلغاء سقف الدين، وهو ما يُشبه قول: 'أنا لا أحب الفاشية، لكن موسوليني جعل القطارات تسير في موعدها'.

لعب بيرني ساندرز مجدداً الدور المنوط به كصمام أمان سياسي. فهو جمع بين التنديدات الديماغوجية للأوليغارشية، والدعم المذل للحزب الديمقراطي الرأسمالي، والمناشدات السخيفة للجمهوريين لتحسين سلوكهم. وفي أبشع مظاهر السخرية السياسية والانتهازية، صرّح ساندرز بأن ترامب نفسه 'أحسن التصرف' بإغلاق الحدود ومهاجمة المهاجرين.

وكما هو الحال دائماً، اتسم رد فعل الديمقراطيين بمزيج من الجبن واللامبالاة والخداع الصريح. إلا أن وراء ذلك مصالح سياسية واعتبارات طبقية. فالحزب الديمقراطي، شأنه شأن الجمهوري، حزبٌ الأوليغارشية القائمة على الشركات و على النشاطات المالية. و تركزت خلافاته الرئيسية مع ترامب على مسائل السياسة الخارجية.

ويخشى الديمقراطيون من أن تتطور المقاومة الجماهيرية لترامب إلى حركة أوسع نطاقاً ضد التفاوت الاجتماعي والرأسمالية وإطار الإمبريالية الأمريكية بأكمله.

حكومة الأوليغارشية

يسعى الديمقراطيون إلى الحفاظ على الادعاء بأن الأزمة الحالية ليست سوى انحراف مؤقت عن الأعراف السياسية، وأن الاعتداءات على الحقوق الديمقراطية ليست سوى 'تجاوزات' نابعة من شخصية ترامب. ما رفضوا قوله هو أن إعادة هيكلة الدولة بالعنف تهدف إلى إرساء ديكتاتورية سياسية دائمة.

إدارة ترامب هي حكومة الأوليغارشية المالية، تابعة لها، وتعمل لصالحها.

ولكن يجب أن يُفهم أن انهيار الأنظمة الديمقراطية في الولايات المتحدة لم ينشأ بين عشية وضحاها. لقد مر أكثر من 65 عاماً منذ أن حذر أيزنهاور من تداعيات قوة المجمع الصناعي العسكري. ومر أكثر من نصف قرن منذ أن كشفت أزمة ووترغيت عن أول مؤامرة سياسية كبرى دبّرها رئيس أمريكي، هو ريتشارد نيكسون. ومر خمسة وعشرون عاماً منذ سرقة الانتخابات الرئاسية من خلال قرار المحكمة العليا بأغلبية 5-4 في قضية بوش ضد غور.

استُخدمت 'الحرب على الإرهاب' التي أعقبت هجمات 11 أيلول/ سبتمبر 2001 لتبرير، ، التآكل المنهجي للحقوق الديمقراطية في ظل حكم الديمقراطيين والجمهوريين، بما في ذلك في قانون باتريوت، ووزارة الأمن الداخلي، وخليج غوانتانامو، وتعذيب وكالة المخابرات المركزية، والتجسس المحلي، والاغتيال بطائرات بدون طيار دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة.

ترتبط هذه التطورات بثلاثة أسباب متشابكة: 1) التراجع طويل الأمد للرأسمالية الأمريكية، 2) الجهود المبذولة لعكس هذا التراجع من خلال العنف العسكري في جميع أنحاء العالم، و3) النمو الشديد في عدم المساواة الاجتماعية، الذي وصل إلى مستويات غير مسبوقة في التاريخ الأمريكي.

صعد ترامب، المحتال والمخادع، إلى الرئاسة من هذه الظروف من خلال عملية اختيار سياسي. توافقت ولايته الثانية مع منطق محدد للحكم الأوليغارشي.

تبعت موجة الاعتداءات الهمجية على المهاجرين، والترحيل الجماعي حملات القمع التي شنتها الشرطة، والاعتقالات، واحتجاز الطلاب المحتجين على الإبادة الجماعية في غزة؛ والهجمات على العلماء و العاملين في المجال الطبي؛ و على الجهود المبذولة لإخضاع الثقافة والتعليم والخطاب العام للسيطرة الاستبدادية.

الهدف الأساسي هو الطبقة العاملة. كل ما ينتقص من ثروة النخبة الرأسمالية وسلطتها، مثل التعليم العام، واللوائح البيئية وقوانين العمل، والضمان الاجتماعي، وبرنامج ميديكيد - سيُفكك. وتسعى 'ميزانية ترامب الضخمة الجميلة'، المليئة بوعود بتخفيضات ضريبية هائلة للأثرياء، إلى تغطية التكاليف من خلال التقشف الفظ وتدمير ما تبقى من شبكة الأمان الاجتماعي.

لا ينفصل التحول نحو الديكتاتورية داخل الولايات المتحدة عن اندلاع العنف الإمبريالي في الخارج. ويُعد توسع نطاق الحرب في الشرق الأوسط جزءاً من صراع عالمي متصاعد، حيث تُركز إدارة ترامب أنظارها على الصين. ويبني ترامب على سجل إدارة بايدن، التي صعّدت حرب الولايات المتحدة وحلف الناتو ضد روسيا، ودعمت الإبادة الجماعية في غزة دعماً كاملاً.

على المتظاهرين يوم السبت استخلاص العبرة من هذا الواقع السياسي. فمن المستحيل وقف زحف الديكتاتورية دون تحديد مصدرها ومكافحته أي النظام الرأسمالي.

يقدم حزب المساواة الاشتراكية البرنامج التالي لمكافحة انقلاب ترامب:

أولاً،

يجب أن تتجذر المعركة ضد ترامب في الطبقة العاملة. هناك معارضة هائلة في المجتمع لما يفعله ترامب، بين العلماء والمهنيين والطلاب وشرائح واسعة من الطبقة الوسطى. لكن القوة الاجتماعية القادرة، بل والمُلزمة، على قيادة الحركة ضد ترامب هي الطبقة العاملة.

يجب حشد القوة الهائلة للطبقة العاملة ضد انقلاب ترامب من خلال إضراب عام، أي استغلال قوة العمال، المتجذرة في عملية الإنتاج، لإيقاف الإنتاج.

يتطلب هذا تنظيم العمال بشكل مستقل عن بيروقراطية اتحاد العمل الأمريكي ومؤتمر المنظمات الصناعية (AFL-CIO)، التي تتعامل مع انقلاب ترامب والاعتداء الهمجي على العمال المهاجرين كما لو أنهما ما وقعا. في حين يُحتجز العمال ويُرحّلون وتُطمس الحقوق الديمقراطية في كل منعطف، لا يفعل جهاز النقابات، المرتبط بالشركات والدولة، شيئاً.

يدعو حزب المساواة الاشتراكية إلى تشكيل لجان قاعدية في كل مصنع ومكان عمل وحي، لتصبح مراكز معارضة للديكتاتورية، توحد جميع العمال من جميع الأعراق والانتماءات العرقية، المهاجرين والموطنين الأصليين.

ثانياً،يجب ربط المعارضة الشعبية الجماهيرية لاعتداء ترامب على الحقوق الديمقراطية بمطالب واضحة وعاجلة هي الانسحاب الفوري لجميع القوات من المدن الأمريكية؛ تفكيك إدارة الهجرة والجمارك الأمريكية (ICE) ووقف جميع مداهمات الهجرة؛ حل الوحدات شبه العسكرية وإلغاء الأوامر التنفيذية التي تُمكّن الديكتاتورية؛ وإقالة ومحاكمة جميع المتورطين في مؤامرة قلب الدستور.

ثالثاً، إن مكافحة الديكتاتورية هي بالضرورة صراع دولي. فالنخب الحاكمة في كل دولة رأسمالية كبرى تتجه نحو اليمين، وتشن حرباً على الحقوق الديمقراطية في الوقت الذي تُصعّد فيه هجومها على الطبقة العاملة. ويعلم كل عامل أن إرساء الديكتاتورية في الولايات المتحدة سيدق ناقوس الموت للحقوق الديمقراطية في كل مكان. الأزمة شاملة، والرد يجب أن يكون شاملاً.

رابعاً، لا يمكن خوض معركة ضد الفاشية والديكتاتورية إلا بمواجهة الرأسمالية ومن أجل الاشتراكية. يجب مصادرة ثروات الأوليغارشية، وتحويل الشركات والبنوك العملاقة إلى مرافق عامة تحت سيطرة الطبقة العاملة. يجب ربط الدفاع عن الحقوق الديمقراطية بترسيخ الرقابة الديمقراطية على الحياة الاجتماعية والاقتصادية، كأساس لبناء مجتمع قائم على المساواة الاجتماعية.

عندما يندد ترامب وأتباعه بالاشتراكية، فإنهم يدركون هم أنفسهم المشكلة الأساسية، فهم يدافعون عن الرأسمالية ضد الطبقة العاملة والاشتراكية من خلال تحولهم بدورهم نحو الديكتاتورية.

تتطلب التغيرات السياسية الهائلة الجارية في العلاقات الاجتماعية تحولاً جذرياً في الاستراتيجية. فما عًرف بسياسات 'يسارية'، قائمة على الهوية العرقية والجندر، وسياسات الطبقة المتوسطة العليا ، لم يستطع قط، وبالتأكيد لا يستطيع الآن، أن يُمهد الطريق للمضي قدماً.

يتطلب النضال ضد الديكتاتورية إحياء الاشتراكية الحقيقية، المتجذرة في التقاليد الثورية الأممية للماركسية، والمتجسدة في برنامج وتاريخ الحركة التروتسكية واللجنة الدولية للأممية الرابعة. على هذا الأساس فقط، تستطيع الطبقة العاملة بناء القيادة اللازمة لمواجهة المخاطر الجسيمة التي تواجهها.

تُظهر إدارة ترامب، في جميع أفعالها، الإفلاس التاريخي للرأسمالية. تواجه البشرية مجدداً الخيار الأساسي بين الاشتراكية أو الهمجية.