اليوم، تُدشّن اللجنة الدولية للأممية الرابعة الاشتراكية والذكاء الاصطناعية، وهي تطبيقٌ ثوريٌّ للتطور التكنولوجي المتقدم في التثقيف السياسي وتعبئة الطبقة العاملة العالمية. يُمثّل هذا مرحلةً جديدةً هامةً في النضال من أجل الوعي الاشتراكي، لتوضيح الرؤية السياسية، ولإعداد العمال والشباب لتصعيد الصراع الطبقي الذي سيُميّز النصف الثاني من العقد الحالي.
يُمثل إطلاق 'الاشتراكية والذكاء الاصطناعي' مبادرة استراتيجية راسخة في تاريخ وبرنامج اللجنة الدولية للأممية الرابعة. فالطبقة العاملة بحاجة إلى الوصول إلى المعرفة، ولا سيما الرؤية العلمية للماركسية، على نطاق وسرعة تتناسب مع أزمة الرأسمالية العالمية. يتجه العالم نحو منعطفات حاسمة: تصاعد الصراعات الجيوسياسية، وانهيار الأنظمة الديمقراطية، وتفاقم الصراع الطبقي، وتدهور مستويات المعيشة بوتيرة متسارعة.
يتطلب التعامل مع هذه الظروف وضوحاً نظرياً وعمقاً تاريخياً. وقد صُممت برمجية 'الاشتراكية والذكاء الاصطناعي' لتلبية هذه الحاجة المُلحة. وستستند إلى مجمل النظرية الماركسية، شاملةً إرثها منذ شرح ماركس وإنجلز للمفهوم المادي الجدلي للتاريخ في البيان الشيوعي، وتفصيل ماركس لنظرية قيمة العمل في كتاب رأس المال، وبيانه للطابع التاريخي العابر لنمط الإنتاج الرأسمالي.
سيدمج الاشتراكية والذكاء الاصطناعي في ردوده على الاستفسارات السياسية الخبرة الواسعة للثورة والثورة المضادة في القرن العشرين، وعلى رأسها ثورة أكتوبر 1917 وما تلاها.
تستند الأسس السياسية والتوجه العام للاشتراكية والذكاء الاصطناعي على التروتسكية، الماركسية الثورية للقرن الحادي والعشرين.
فمنذ ظهورها عام 1923، في معارضةٍ للانحطاط البيروقراطي للاتحاد السوفيتي، دافعت الحركة التروتسكية، التي تمثلها اليوم اللجنة الدولية للأممية الرابعة، في ظل أصعب الظروف الموضوعية، عن إرث الماركسية في وجه الستالينية، والاشتراكية الديمقراطية، والقومية البرجوازية، والتحريفية البابلوية، والتطرف الطبقي الأوسط، واليسارية الزائفة.
لكن التحديات السياسية في عصرنا تتطلب نشرًا فعالًا وديناميكيًا لهذا التراث الهائل من العمل النظري والنضال الثوري بين الملايين الذين يدخلون في النضال في ظل ظروف بالغة التعقيد. يواجه العمال والشباب منظومة واسعة من التضليل والتزييف التاريخي والتحريف الأيديولوجي. يواجهون إعلاماً لا يهدف إلى التوعية، بل إلى إخفاء الجذور الطبقية للحرب وعدم المساواة والرجعية السياسية. يناضلون ضد حكومات رأسمالية فقدت شرعيتها تمامًا، وأحزاب لا تمثل سوى فصائل متنافسة من طبقة حاكمة مُنهكة، وبيروقراطيات نقابية تُمارس رقابة علنية على الطبقة العاملة نيابةً عن الشركات والدولة. عليهم أن يُدركوا زيف ادعاءات دجالين سياسيين يدّعون الانتماء لليسار، بأن الرأسمالية قابلة للإصلاح ولتوظيفها لخدمة الطبقة العاملة.
في هذا السياق، يُمثل مشروع 'الاشتراكية والذكاء الاصطناعي' إنجازاً هاماً. إن الاشتراكية والذكاء الاصطناعي هي نتاج قرارات سياسية وهندسية واعية، أي تأسيس النظام على النظرية الماركسية، والتجارب التاريخية للطبقة العاملة العالمية، والتحليلات النقدية التي طُورت داخل الحركة الاشتراكية.
مع أن هذا المنهج استند إلى طيف واسع من المواد التاريخية والسياسية والنظرية والواقعية المتاحة عبر الإنترنت، فقد تم تدريبه على توليف مجموعة من الأدبيات الاشتراكية والماركسية. ويُرسّخ هيكل 'الاشتراكية والذكاء الاصطناعي' بنية احتمالية تُؤثر فيها مفاهيم وفئات تحليلية وتجارب تاريخية وأعمال نقدية من التراث الاشتراكي تأثيراً حاسماً على صياغة إجاباته على الأسئلة.
وكما هو الحال في أي مؤسسة تعليمية جادة تعمل ضمن تراث فكري محدد، فإن 'الاشتراكية والذكاء الاصطناعي' تعمل ضمن إطار الماركسية. ولا يهدف هذا المنهج إلى تقديم عينة عشوائية من الآراء، التي تهيمن عليها وجهات نظر المؤسسة البرجوازية الرأسمالية ووسائل الإعلام، بل إلى مساعدة العمال والطلاب والمثقفين على فهم الواقع الاجتماعي من خلال الخبرة النظرية والتاريخية المتراكمة للحركة الاشتراكية.
وفر هذا النظام، بفضل أنظمة التعلم الآلي المتقدمة، وصولاً فورياً إلى كم هائل من التحليلات الماركسية التروتسكية التي طورتها اللجنة الدولية ونُشرت على مدار 28 عاماً على موقع الويب الاشتراكي العالمي. يُشكل هذا الأرشيف الضخم، الذي يضم حوالي 125,000 مقالة، أشمل مستودع معاصر للاشتراكية العلمية. ويجعل نظام الذكاء الاصطناعي الاشتراكي هذه التحليلات سهلة الفهم، وواضحة، وتفاعلية للعمال والطلاب والمثقفين والفنانين الباحثين عن التوجيه السياسي.
ناهيك عن أن المجموعة ضمت أعمالاً عظيمة لكارل ماركس، وفريدريك إنجلز، وفلاديمير لينين، وليون تروتسكي، وروزا لوكسمبورغ، وجورجي بليخانوف، التي يستند إليها نظام الذكاء الاصطناعي الاشتراكي للإجابة على استفسارات المستخدمين. وسيستمر هذا الأرشيف في التوسع من خلال النشر اليومي لموقع الويب الاشتراكي العالمي، والإضافات المنتظمة من روائع التاريخ والفكر الاشتراكي، فضلاً عن كتابات أبرز الباحثين وأكثرهم التزاماً بالمبادئ الفكرية.
إن الطابع الاشتراكي للنظام ليس قيداً، بل هو الشرط الضروري لتقديم إجابات متماسكة ومبدئية ومستندة إلى أسس تاريخية للمشاكل التي يطرحها النظام الرأسمالي المعاصر، والصراع الطبقي، وتطور حركة اشتراكية دولية.
لا تقتصر أهمية الاشتراكية والذكاء الاصطناعي على التعليم النظري والقضايا السياسية المباشرة، بل سيتمكن المستخدمون من طرح أسئلة والحصول على إجابات حول طيف واسع من المسائل التاريخية والاجتماعية والعلمية والفنية والثقافية.
كما ستساعد الاشتراكية والذكاء الاصطناعي العمال في معالجة المشكلات العملية والتنظيمية التي تواجههم في نضالهم اليومي، وستسهم في توضيح أفضل السبل للتصدي للهجمات المتواصلة للشركات والخيانة المتكررة لبيروقراطيات النقابات. سيتمكن العمال من طرح الأسئلة التالية: كيف نعارض ظروف العمل غير الآمنة؟ كيف ندافع عن زملائنا المظلومين؟ كيف نمنع عقود الخيانة؟ كيف نربط نضالنا بنضال العمال في المصانع والمناطق والبلدان الأخرى التي تواجه نفس أصحاب العمل متعددي الجنسيات؟ ستقدم الاشتراكية والذكاء الاصطناعي رؤى ثاقبة حول تلك الأسئلة بالاستناد إلى الخبرات الاستراتيجية للطبقة العاملة والدروس السياسية التي استخلصتها الحركة التروتسكية.
سيُشكّل برنامج 'الاشتراكية والذكاء الاصطناعي' دليلاً لبناء وتوسيع التحالف الدولي للجان العمالية (IWA-RFC). وسيساعد العمال على بدء مناقشات حول تشكيل لجان جديدة، وإرساء قنوات اتصال ديمقراطية بين الأقسام والورديات، وتطوير قنوات آمنة وموثوقة للتعاون على مستوى المصنع، وعلى المستوى الإقليمي، والوطني، والدولي، واقتراح تكتيكات ملائمة لظروف الإنتاج العالمي المتكامل. يتطلب عصر الشركات متعددة الجنسيات وحدة دولية للطبقة العاملة. وسيساعد برنامج 'الاشتراكية والذكاء الاصطناعي' العمال على فهم هذا المبدأ الاستراتيجي الأساسي والعمل بموجبه.
أما بالنسبة للمنخرطين بالفعل في النضال السياسي أو الذين بدأوا للتو العمل السياسي، فسيكون برنامج 'الاشتراكية والذكاء الاصطناعي' مصدراً لا يُقدّر بثمن، إذ يُقدّم حلولاً لمشاكل تنظيمية وتكتيكية ملموسة.
والأهم من ذلك، سيشرح برنامج 'الاشتراكية والذكاء الاصطناعي' نظرياً، ويُوضّح عملياً، ويُطوّر استراتيجية الثورة الاشتراكية العالمية.
إنّ الاشتراكية والذكاء الاصطناعي أداةٌ للقيادة الثورية والنضال السياسي والتفكير النقدي، لا بديلٌ عنها. هدفه الأساسي بناء الحزب العالمي للثورة الاشتراكية، وسيُستفاد منه على أكمل وجه من قِبَل أولئك المُخلصين لإرساء سلطة العمال. لم تُخلق الاشتراكية والذكاء الاصطناعي لتصنع المعجزات، وهي ليست معصوماً من الخطأ. سيُسهم الاستخدام النشط والمكثف لها في تحديد الأخطاء، وتسهيل تصحيحها، وتحسين جودة إجاباتها.
لا يُمكن لأي أداة أن تُعفي الأفراد من مسؤولية التفكير والتقييم والتساؤل. ولكن بقدر ما تُسهّل الاشتراكية والذكاء الاصطناعي الوصول إلى النظرية الماركسية، وتُوضّح الاستراتيجية، وتُنير التجربة التاريخية، فستكون أداةً لا غنى عنها في التطور السياسي لجيل جديد من المناضلين الاشتراكيين.
تكمن الأهمية الحاسمة للاشتراكية والذكاء الاصطناعي في قدرتها على سد الفجوة بين الحركة الموضوعية للطبقة العاملة والمستوى الذاتي للوعي الاشتراكي. ولطالما أكدت الماركسية أن نضالات العمال العفوية، مهما بلغت قوتها، لا تُنتج في حد ذاتها رؤية ثورية متماسكة. لا بد من تنمية الوعي، واستيعاب التجربة التاريخية، وتحقيق الفهم النظري. تسمح التطورات التكنولوجية في عصرنا الحالي بنقل الأفكار بسرعة على نطاق عالمي، مما يُمكّن الطبقة العاملة من تطوير فهمها السياسي بوتيرة تتناسب مع الأزمة الموضوعية.
تستخدم الطبقة الحاكمة التكنولوجيا المتقدمة لأغراض رجعية - كالمراقبة والرقابة والتلاعب والتخطيط للحرب. يجب على الطبقة العاملة استخدامها لتحرير نفسها. تُمثل الاشتراكية والذكاء الاصطناعي جهداً مبدئي الطابع وعلمي لتسخير أحدث أدوات الإدراك البشري لتحرير البشرية. إنها الاشتراكية والذكاء الاصطناعي والذكاء ترمز إلى اندماج الإرث الثوري لماركس وإنجلز ولينين وتروتسكي مع احتياجات القرن الحادي والعشرين وإمكاناته.
شهد النصف الأول من العقد الحالي موجةً عارمةً من ردود الفعل الرأسمالية الإمبريالية، بدءاً من قمع جميع الجهود التي بُذلت لاحتواء انتشار جائحة كوفيد-19، مروراً بإشعال فتيل الحرب في أوكرانيا، والاعتداء على غزة بهدف إبادة شعبها، وانهيار الأنظمة الديمقراطية، وعودة الفاشية. ستتخذ هذه النزعات، المتجذرة في ترسيخ السلطة في أيدي قلةٍ من الأثرياء وتفاقم مستويات عدم المساواة بشكلٍ مذهل، طابعاً أكثر تطرفاً.
لكن النصف الثاني من هذا العقد سيتميز بنمو مقاومةٍ قويةٍ من الطبقة العاملة. فالنظام الرأسمالي العالمي يعاني من تناقضاتٍ يعجز عن حلها. مثل التضخم، وأزمات الديون، وانهيار الخدمات العامة، وتآكل المؤسسات الديمقراطية، والاندفاع نحو حربٍ عالمية، كلها أعراضٌ لانهيارٍ بنيوي. تخوض الطبقة العاملة العالمية تخوض نضالًا: إضراباتٌ جماهيرية، وانتفاضاتٌ شعبية، وحركات تمردٍ سياسي تندلع في كل قارة. يشكك الملايين في شرعية النظام القائم. إنهم يبحثون عن تفسيرات. إنهم يبحثون عن توجيه. إنهم يبحثون عن طريق للمضي قدماً.
طُرح برنامج 'الاشتراكية والذكاء الاصطناعي' في هذه اللحظة التاريخية الحاسمة. سيساعد هذا البرنامج العمال على كشف زيف الأيديولوجية الرأسمالية، وفهم أسباب الأزمة، والتحرك بوعي في خضمها. كما سيسلط الضوء على الدروس الاستراتيجية الأساسية للنضالات الماضية، ويوضح أثرها على المهام الراهنة. والأهم من ذلك، أنه سيسهم في بناء علاقة جديدة وديناميكية بين الإرث الثوري للماركسية والحركة العمالية الحية.
يعكس إطلاق 'الاشتراكية والذكاء الاصطناعي' ثقة عميقة، ليس في التكنولوجيا بحد ذاتها، بل في الدور التاريخي للطبقة العاملة العالمية. يهدف البرنامج إلى تسريع نمو الوعي الاشتراكي وتعزيز قدرة الطبقة العاملة على النضال من أجل السلطة. في النضالات الدائرة الآن، سيجد العمال في 'الاشتراكية والذكاء الاصطناعي' أداةً فعّالة للتوجيه والتوضيح والعمل.
إنها خطوة تاريخية إلى الأمام في النضال العالمي من أجل الاشتراكية، وفي إعداد الطبقة العاملة بوعي للمعارك الثورية المقبلة.
ندعو جميع قراء موقع الاشتراكية العالمية على شبكة الإنترنت إلى الاشتراك في 'الاشتراكية والذكاء الاصطناعي' واستخدامها يومياً. انشروا الوعي بهذه الأداة الفعّالة بين زملائكم في العمل والدراسة والأصدقاء والجيران. والأهم من ذلك كله، استخدموا تلك الأداة للتعليم الماركسي والعمل السياسي كأعضاء ومناضلين في الأممية الرابعة، الحزب العالمي للثورة الاشتراكية.
