العربية

الإبادة الجماعية في غزة وخطر حرب عالمية ثالثة

ألقى بيتر شفارتز، عضو هيئة التحرير الدولية لموقع 'الاشتراكية العالمية'، هذه الكلمة في 2 تشرين الثاني / نوفمبر خلال فعالية نظمتها دار نشر 'ميهرينغ' ضمن معرض الأدب اليساري في نورمبرغ.

كانت مدينة نورمبرغ هددت سابقاً بحظر الفعالية إذا لم يُحذف وصف أفعال إسرائيل في غزة بـ'الإبادة الجماعية' وإدانة سياسة الحرب التي تنتهجها الحكومة الألمانية من نص الإعلان عن اللقاء. احتجت دار نشر 'ميهرينغ' على ذلك بمنشور وزعته على جميع زوار معرض الكتاب. كان رد الفعل هائلاً. احتشد قرابة 120 زائر في قاعة السينما المكتظة للاستماع إلى المحاضرة والاحتجاج على الرقابة. كما أقرّ الناشرون في معرض الكتاب بالإجماع قراراً ضد الرقابة.

قبل ثمانين عاماً، في 20 تشرين الثاني/ نوفمبر 1945، بدأت محاكمة كبار مجرمي الحرب النازيين في قصر العدل في نورمبرغ، على بُعد ثلاثة كيلومترات فقط من هنا. مثل سياسيون وعسكريون ومسؤولون بارزون من النظام النازي أمام المحكمة العسكرية الدولية، التي شُكّلت خصيصاً لذلك الغرض، بتهمة ارتكاب جرائم ضد السلام (بسبب التخطيط لحرب عدوانية وشنها)، وجرائم ضد الإنسانية، وجرائم حرب.

أرست المحاكمة أرضية قانونية جديدة: فقد عُلّق جزئياً مبدأ 'لا عقوبة إلا بنص'، الذي ينص على أنه لا يجوز معاقبة الفعل إلا إذا كان إجرامه قد ثَبُتَ بالفعل بموجب القانون وقت ارتكابه. إلا أن هذه الخطوة بدت حتمية، نظراً لحجم الجرائم التي ارتكبها النازيون.

هدفت المحاكمات فضح هذه الجرائم للعالم وضمان عدم تكرارها. ويمكن إرجاع المبادئ المهمة للقانون الجنائي الدولي، التي كُرِّست لاحقاً في ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، إلى محاكمات نورمبرغ.

تقول اللوحة التذكارية المعلقة أمام قاعة المحكمة اليوم:

في نورمبرغ، طبّقت المحكمة العسكرية الدولية فكرة 'المحكمة الجنائية الدولية' لأول مرة. عُرفت المبادئ التي وُضعت آنذاك باسم 'مبادئ نورمبرغ'، وشكلت أساس العدالة الجنائية الدولية الحديثة. مع ذلك، لم يتحقق مطلب وجود مرجعية قانونية دائمة للقانون الجنائي الدولي إلا مع نظام روما الأساسي لعام 1998 والمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي...

نعلم، بالطبع، أن هذا القانون ظلّ حبراً على ورق إلى حد كبير. ولم تكن هناك ندرة في جرائم الحرب التي مرّت دون عقاب على مدى الثمانين عامًا الماضية. لنتذكّر حرب فيتنام أو حرب العراق. مع ذلك، لا بد من القول إن حجم تلك الجرائم قد اتخذ بُعداً جديداً.

كما ذكرت كاتيا ريبيرت في البداية، حجبت مدينة نورمبرغ النصّ الذي أعلن عن اجتماعنا وهدّدت بحظره إذا لم نحذف عبارتي 'إبادة جماعية في غزة' و'جرائم حرب الحكومة الألمانية'. أحد الأسباب التي ذُكرت هو أن وصف أفعال إسرائيل في غزة بـ'الإبادة الجماعية' يُضفي طابعاً نسبياً على الجرائم التاريخية. وهذه حجةٌ غريبة، على أقل تقدير.

لا تتطرق المدينة إلى مسألة ما إذا كانت أفعال إسرائيل ضد الفلسطينيين تُشكل إبادة جماعية. إنها تتجاهل الحقائق والآراء القانونية وبيانات منظمات حقوق الإنسان المرموقة والمؤسسات الدولية التي تُثبت ذلك. بدلاً من ذلك، تُعلن أنه لا ينبغي حتى طرح هذا السؤال، ناهيك عن الإجابة عليه - لأن القيام بذلك يُضفي طابع نسبي على الهولوكوست.

هذا يقلب أهمية محاكمات نورمبرغ رأسًا على عقب. هدفت تلك المحاكمة إلى ضمان عدم ارتكاب الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب مرة أخرى، وأن يواجه المسؤولون عن تلك الجرائم عقوبات شديدة.

والآن تُصرّ مدينة نورمبرغ على أنه لا ينبغي تسمية هذه الجرائم ومحاكمتها لأن ذلك من شأنه أن يُضفي طابعاً نسبياً على جرائم النازيين. وبالتالي، فإنها تُحوّل محاكمات نورمبرغ من سلاح ضد جرائم الحرب إلى عفو عام عنها. لم يعد بالإمكان تسمية الجريمة جريمة لأن القيام بذلك يضفي طابع نسبي على جريمة أخرى.

إبادة جماعية في غزة

إن ارتكاب الحكومة الإسرائيلية إبادة جماعية في غزة أمرٌ لا جدال فيه لدى الغالبية العظمى من سكان العالم. وقد خرج الملايين إلى شوارع لندن وجاكرتا ونيويورك وبرلين ومئات المدن الأخرى احتجاجاً على ذلك.

أصدرت المحكمة الجنائية الدولية، التي تصفها المدينة على اللوحة التذكارية في قصر العدل بأنها تجسيد 'لمبادئ نورمبرغ' والتي تعترف ألمانيا بسلطتها، مذكرة توقيف قبل عام بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه آنذاك يوآف غالانت. وهما متهمان بارتكاب جرائم حرب خطيرة وجرائم ضد الإنسانية.

ألقى الجيش الإسرائيلي 18 ألف طن من القنابل على غزة في الأسابيع السبعة الأولى من الصراع. ومنذ ذلك الحين، لا توجد أرقام موثوقة. ولو بقيت تلك الكمية ثابتة، لبلغ إجماليها الآن 275 ألف طن من المتفجرات، أي ما يعادل 18 قنبلة من نوع هيروشيما. وانفجرت في منطقة لا تشكل سوى واحد في المئة من مساحة بافاريا ويقطنها أكثر من مليوني شخص.

دُمرت المستشفيات والجامعات والمدارس والمساجد عمداً؛ ودُمرت 90% من المنازل؛ وهُدمت المباني متعددة الطوابق عمداً، غالبًا دون أن يتمكن السكان من المغادرة في الوقت المناسب. قُتل أطباء ومسعفون وعمال إغاثة وأكثر من 200 صحفي وهذا تجاوز عددهم في أي صراع مسلح آخر. يُخاطر الصحفيون الذين يُغطون تلك الجرائم من غزة بحياتهم. ولا يُسمح للصحفيين من وسائل الإعلام الدولية بالدخول على الإطلاق.

دعوني أضيف أن ما يُسمى 'اتفاقية السلام' الأخيرة لا يُغير هذا.

أُطلق سراح آخر الرهائن الإسرائيليين الناجين، لكن القتل مستمر بلا هوادة. نادراً ما مر يوم دون أن تقصف إسرائيل أهدافاً في غزة تُودي بحياة العشرات. وتُقيد إمدادات الغذاء والدواء مرة أخرى بعد فترات وجيزة من السماح بدخول الطعام.

حتى لو توقف القتال، فإن 'السلام الأبدي' الذي أعلنه ترامب سيُشبه مقبرة: ستُحوّل غزة إلى محمية تحت إشراف دونالد ترامب ومجرم الحرب البريطاني توني بلير. سيواصل الجيش الإسرائيلي احتلال الحدود وجزء كبير من قطاع غزة، ولن يتمتع الفلسطينيون بأدنى حقوق ديمقراطية.

لكن دعونا نعود إلى تصرفات إسرائيل. فمنذ هجوم حماس وصم كل من انتقد الحرب الإسرائيلية في ألمانيا بمعاداة السامية.

مُنع فنانون من تقديم عروضهم، وفُصل أكاديميون، وتعرض العديد من المتظاهرين للضرب والاعتقال لمجرد إظهارهم التضامن مع فلسطين. ورغم أن القانون الأساسي الألماني يضمن حرية التعبير ويحظر الرقابة صراحةً، إلا أنه، كما كان الحال في عهد الإمبراطورية الألمانية، يتواجد ضابط من الشرطة السياسية في كل تجمع مؤيد للفلسطينيين لفرض رقابة على اللافتات والمنشورات قبل السماح بتوزيعها.

ويُستخدم اضطهاد معارضي حرب غزة بتهمة معاداة السامية كأداة لتقويض الحقوق الديمقراطية في ألمانيا وإقامة دولة بوليسية. وليس من المستغرب أن يدعم حزب البديل من أجل ألمانيا، الذي يعج بمعادين حقيقيين للسامية، هذا المسار بحماس.

المعادون للسامية ليسوا أولئك الذين يدينون جرائم نتنياهو والدولة الصهيونية، بل أولئك الذين يحملون اليهود مسؤولية جماعية عن هذه الجرائم. المعادون للسامية هم أولئك الذين يزعمون أن الدولة الصهيونية تعمل لصالح اليهودية ككل.

دُحض هذا الادعاء بمشاركة العديد من اليهود حول العالم في مظاهرات دفاعًا عن الفلسطينيين ورفضًا لجرائم الحكومة الإسرائيلية. ويتضح الأمر جلياً عند النظر إليه من منظور تاريخي.

منطق الصهيونية: من الأسطورة القومية إلى إبادة غزة

في هذا السياق، أوصي بشدة بكتاب 'منطق الصهيونية: من الأسطورة القومية إلى إبادة غزة'، الذي سنقدمه في هذا الاجتماع.

مؤلفه، ديفيد نورث، هو رئيس تحرير موقع WSWS ورئيس حزب المساواة الاشتراكية في الولايات المتحدة. نشط في الحركة الاشتراكية لأكثر من خمسين عاماً، وله مؤلفات عديدة في القضايا السياسية والنظرية.

كما ورد في هذا الكتاب، إن لنورث نفسه جذور يهودية. فقد قُتل العديد من أفراد عائلته في المحرقة. وقبل الحرب العالمية الأولى، وخلال جمهورية فايمار، كان جده من أبرز قادة الأوركسترا والملحنين في ألمانيا. تمكن من الفرار إلى الولايات المتحدة في الوقت المناسب، حيث أسس أول أوركسترا كلاسيكية للسود. لكن مسيرته المهنية دُمرت لاحقاً.

بين نورث أن المشروع الصهيوني، كما كتب، 'بُني منذ نشأته على أيديولوجية وبرنامج رجعيين'. وحتى وقوع الكارثة الألمانية، ربطت نسبة كبيرة من العمال والمثقفين اليهود تحررهم بتجاوز مجتمع الطبقة الرأسمالية، واتجهوا نحو الحركة الماركسية.

وكان للأحزاب الاشتراكية الديمقراطية، ولاحقاً الشيوعية أيضاً، نسبة عالية من الأعضاء اليهود. كما لعبت تلك الأحزاب دوراً رائداً في مكافحة معاداة السامية، كما فعل الاشتراكي الفرنسي جان جوريس في قضية درايفوس.

كان ذلك السبب الحقيقي وراء معاداة هتلر للسامية. كتب كونراد هايدن، مؤلف إحدى أوائل سير هتلر: 'ما كان روتشيلد الرأسمالي، بل كارل ماركس الاشتراكي، هو من أشعل فتيل معاداة هتلر للسامية'. وللسبب نفسه، حرض هتلر ضد 'المؤامرة اليهودية البلشفية'.

كانت الصهيونية التي طورها تيودور هرتزل في العقد الأخير من القرن التاسع عشر معارضة مباشرة لذلك المنظور الاشتراكي. فقد واجه هرتزل أممية الحركة العمالية الاشتراكية بتأسيس دولة قومية يهودية في فلسطين.

وقد فعل هرتزل ذلك في وقت كفت فيه الدولة القومية، التي ارتبط تطورها ارتباطاً وثيقاً بالثورة البرجوازية، عن لعب دور تقدمي. وكانت الحرب العالمية الأولى، التي اندلعت عام 1914 تعبيراً عن تلك الحقيقة. كان السبب الرئيسي لذلك هو عدم توافق الاقتصاد العالمي مع الدولة القومية، وهو ما حاول الرأسماليون التغلب عليه من خلال إعادة تقسيم العالم بشكل عنيف.

منذ البداية، كان واضحاً للصهيونيين أن مشروعهم لإقامة 'دولة يهودية' يتطلب طرداً قسرياً للسكان الفلسطينيين، ولن ينجح إلا بدعم من القوى الإمبريالية، أي إذا اقتنعت قوة عظمى أو أكثر بأن الدولة الصهيونية ستخدم مصالحها الإمبريالية في المنطقة.

في ذلك السياق، استشهد نورث بفلاديمير جابوتنسكي، زعيم الجناح اليميني المتطرف في الحركة الصهيونية ومعلم رئيس الوزراء الإسرائيلي اللاحق مناحيم بيغن، الذي كتب عام 1934:

لا داعي للخوض في الحقيقة البديهية المعروفة عن أهمية فلسطين من وجهة نظر المصالح الإمبريالية البريطانية؛ يكفي أن أضيف أن صحتها تعتمد على شرط أساسي واحد: ألا وهو أن تكف فلسطين عن كونها دولة عربية.

قوّضت الحرب العالمية الثانية التحالف الصهيوني مع الإمبريالية البريطانية، التي أعادت توجيه نفسها في الشرق الأوسط. وردّ بعض الصهاينة بهجمات إرهابية على مؤسسات بريطانية. ففي عام 1946، على سبيل المثال، أسفر هجوم بالقنابل شنّته منظمة الإرجون الصهيونية السرية على فندق الملك داود، مقر الانتداب البريطاني، عن مقتل 91 شخصاً وإصابة العشرات.

وذكر كتاب نورث:

لكن التحالف مع الإمبريالية استمر. فإسرائيل، بعد تأسيسها عام 1948، مثّلت حليفاً أساسياً للإمبريالية البريطانية والفرنسية في صراعهما ضدّ المدّ المتصاعد للقومية العربية. وفي عام 1956، انضمت إسرائيل إلى بريطانيا وفرنسا في غزو مصر بهدف الإطاحة بالنظام القومي بقيادة جمال عبد الناصر واستعادة السيطرة على قناة السويس. إلا أنه بعد أن أجبرت الولايات المتحدة بريطانيا وفرنسا على إنهاء الحرب وسحب قواتهما من مصر، أعطت إسرائيل الأولوية لعلاقتها مع الإمبريالية الأمريكية.

ترافق تأسيس دولة إسرائيل مع عنف شديد. ارتكبت الميليشيات الصهيونية مجزرة راح ضحيتها أكثر من مئة (أشارت بعض المصادر إلى مئتين وخمسين) قروياً في دير ياسين، بهدف بث الرعب والخوف وتهجير 750 ألف فلسطيني، أي ما قارب نصف سكان فلسطين آنذاك.

على مدى عامين، تصاعد الغضب الشعبي إزاء هجوم حماس. لكن ما جرى تجاهله هو أن الصهيونية هي التي جلبت الإرهاب كأسلوب نضال إلى الشرق الأوسط. ومن بين ضحايا الإرهاب الصهيوني مسؤولون بريطانيون في فندق الملك داود، وسكان دير ياسين والعديد من القرى الأخرى، بالإضافة إلى وسيط الأمم المتحدة، الكونت فولك برنادوت، الذي اغتيل عام 1948. أمر بالاغتيال إسحاق شامير، الذي شغل لاحقاً منصب رئيس وزراء إسرائيل من عام 1983 إلى عام 1992، مع فترة انقطاع قصيرة.

لخص نورث الوضع وفق التالي:

إن استمرار دولة الفصل العنصري اليهودية، وقمع الشعب الفلسطيني بعنف، مع ميلها في الوقت نفسه نحو الفاشية داخل إسرائيل نفسها، يرتبط ارتباطاً وثيقاً بدورها كركيزة أساسية للإمبريالية في الشرق الأوسط.

من الواضح أن الدعم الأمريكي لإسرائيل لم يكن له أي علاقة بالتعاطف مع اليهود أو بالتعويض عن المحرقة. فالولايات المتحدة، التي أغلقت حدودها أمام اللاجئين اليهود خلال الحرب العالمية الثانية، استمرت في تقييد قبول اليهود في جامعاتها حتى العقد السابع من القرن الماضي. وهناك العديد من المعادين للسامية في حركة 'لنجعل أمريكا عظيمة مجدداً' (MAGA) التي يتبناها ترامب. تُسلّح الولايات المتحدة إسرائيل، ويتفق الجمهوريون والديمقراطيون على ذلك، لأنها تحتاج إلى ذلك وتستخدمه للهيمنة على الشرق الأوسط.

وينطبق الأمر نفسه على ألمانيا. وقد استعرضنا مؤخراً كتاب 'إسرائيل وعقل الدولة الألمانية' للمؤرخ دانيال مارويكي على موقع WSWS.

بيّن مارويكي أن التعاون الوثيق بين ألمانيا وإسرائيل لم يكن له أي صلة بـ'التعويضات' أو التكفير عن المحرقة أو أي شيء مماثل. بل كان اتفاقاً متبادلاً: فقد زودت ألمانيا الدولة الصهيونية المُحاصرة بالأسلحة والمساعدات الاقتصادية والمالية؛ وفي المقابل، غضت الحكومة الإسرائيلية الطرف عن استمرار وجود النخب النازية في الدولة والاقتصاد في جمهورية ألمانيا الاتحادية، وساعدتها على اكتساب مكانة دولية مرموقة.

ولا يزال هذا هو الحال. تُعد ألمانيا ثاني أكبر مُورّد للأسلحة إلى إسرائيل بعد الولايات المتحدة. ففي السنوات الأخيرة، زودت ما بين 30 و47 بالمئة من إجمالي واردات الأسلحة الإسرائيلية، بما في ذلك الصواريخ المضادة للدبابات، والسفن الحربية، والصواريخ، ومحركات الدبابات، فضلاً عن مكونات مهمة للمركبات البرية والمعدات البحرية. وفي المقابل، تُقدّم إسرائيل لألمانيا، كما تفعل الولايات المتحدة، قاعدة انطلاق لمصالحها الإمبريالية في الشرق الأوسط.

تُدافع حركتنا، اللجنة الدولية للأممية الرابعة، عن العمال والشباب الفلسطينيين في نضالهم ضد الظلم. لكن هذا الظلم لا يُمكن التغلب عليه بحل الدولتين.

سيؤدي إنشاء دولة فلسطينية خالصة إلى جانب دولة يهودية خالصة حتماً إلى استمرار الصراع وموجة جديدة من عمليات التهجير. ستكون تلك الدولة غير قابلة للاستمرار اقتصادياً، وستكون أداة في يد القوى الإمبريالية وحلفائها الرجعيين في مصر والسعودية ودول عربية أخرى.

أظهر تاريخ الحركات الوطنية برمته، من منظمة التحرير الفلسطينية في فلسطين إلى نمور التاميل في سريلانكا إلى حزب العمال الكردستاني، على سبيل المثال لا الحصر، أنها لا تملك حلاً للجماهير المضطهدة. فقد فشلت فشلاً ذريعاً أو تحولت إلى أدوات في يد إحدى القوى الإمبريالية.

لا يمكن التغلب على القمع الوطني اليوم، كأي شكل آخر من أشكال القمع، إلا من خلال نضال الطبقة العاملة العالمية المستقل من منظور الثورة الاشتراكية. قال ديفيد نورث في كتابه:

إن المفارقة التاريخية والسياسية الكبرى للوضع الراهن هي: أن الطبقة العاملة الإسرائيلية لا تستطيع الدفاع عن حقوقها الديمقراطية دون النضال من أجل الحقوق الديمقراطية للشعب الفلسطيني ضد القمع الصهيوني. ولا يستطيع الفلسطينيون تحقيق تطلعاتهم إلى الحقوق الديمقراطية والمساواة الاجتماعية دون إقامة تحالف نضالي مع الطبقة العاملة الإسرائيلية. فالمنظور الوحيد القابل للتطبيق ليس حل الدولتين الوهمي، بل دولة اشتراكية موحدة للعمال اليهود والعرب.

مهما بلغت بطولة نضال الفلسطينيين، فإن الظروف القاسية التي يواجه ونها لن تُحل دون ظهور حركة عمالية عالمية تدعو إلى الاشتراكية.

هذه مهمة جسيمة وشاقة، لكنها الحل الواقعي الوحيد. وتتضح أهميتها عند النظر إلى حرب غزة في سياقها الدولي.

دق ناقوس الخطر: الاشتراكية ضد الحرب

يقودني هذا إلى الكتاب الثاني الذي نود تقديمه اليوم: 'دق ناقوس الخطر: الاشتراكية ضد الحرب'. ضم ذلك الكتاب عشرة خطابات ألقاها ديفيد نورث في عيد العمال بين عامي 2014 و2024. تناولت تلك الخطابات التصعيد الخطير للعسكرة الإمبريالية، وتزايد خطر اندلاع حرب عالمية ثالثة، وصعود دونالد ترامب.

بينت تلك الخطابات أن التناقضات نفسها التي ترد عليها الطبقة الحاكمة بالحرب والديكتاتورية هي التي تُهيئ الظروف الموضوعية لتكثيف الصراع الطبقي ولثورة اشتراكية. إن دخول الطبقة العاملة الأمريكية والأوروبية في صراعات طبقية مريرة عاملٌ سيُغير الوضع العالمي برمته تغييراً جذرياً.

ما الشرق الأوسط إلا جبهة واحدة في حرب عالمية ثالثة تتصاعد بوتيرة متسارعة. ومن الجبهات الأخرى الحرب في أوكرانيا وحصار الصين من قبل الولايات المتحدة وحلفائها. إن سبب تلك الحروب المتصاعدة، كما في الحربين العالميتين الأولى والثانية، هو عدم توافق الدولة القومية البرجوازية مع الطابع الدولي للاقتصاد العالمي. لم تعد القوى الإمبريالية تُشبع نهمها للمواد الخام والأسواق والعمالة الرخيصة من خلال المنافسة السلمية، بل من خلال إعادة تقسيم العالم بالعنف.

وقد بيّن لينين هذا الأمر ببراعة في كتابه عن الإمبريالية، الذي كتبه خلال الحرب العالمية الأولى. من المؤكد أن هذا الكتاب جدير بالقراءة مرة أخرى اليوم.

إن القوة الدافعة وراء هذا التطور نحو الحرب هي الولايات المتحدة الأمريكية. فقد برزت من الحربين العالميتين كقوة إمبريالية مهيمنة، وتحاول تعويض تراجعها الاقتصادي النسبي باستخدام تفوقها العسكري. فمنذ تفكك الاتحاد السوفيتي، الذي وضع حدوداً معينة لطموحاتها الإمبريالية، دخلت الولايات المتحدة الأمريكية في حالة حرب بشكل شبه متواصل: في العراق، ويوغوسلافيا، وأفغانستان، والعراق مرة أخرى، وليبيا، وسوريا، وأوكرانيا.

يجب النظر إلى صعود دونالد ترامب، الذي ينتمي إلى عالم العقارات والمقامرة، في هذا السياق. فهو يشن حرباً على الطبقة العاملة في الداخل، ويُصعّد الحروب في الخارج. جميع القنابل التي تُلقيها إسرائيل على غزة، والتي بلغ وزنها 2000 رطل، تحمل عبارة 'صُنع في الولايات المتحدة الأمريكية'. في المجمل، زودت الولايات المتحدة إسرائيل بنحو 15000 قنبلة مختلفة خلال العامين الماضيين. لم يكن بإمكان إسرائيل الاستمرار في الحرب ليوم واحد دون الدعم السياسي والمالي والعسكري الأمريكي.

تعتبر واشنطن الصين خصمها الأهم، وهي تُعدّ العدة بشكل منهجي لحرب ضدها. يجب النظر إلى الإبادة الجماعية في غزة في هذا السياق. يُمثل الفلسطينيون وإيران وحلفاؤها عقبة أمام الجهود الإمبريالية الرامية إلى إخضاع هذه المنطقة الغنية بالطاقة، ذات الأهمية الاستراتيجية، للسيطرة الإمبريالية. تستورد الصين كميات كبيرة من النفط والغاز الطبيعي من المنطقة، وتمر عبرها بعض أهم طرق تصديرها.

سأتناول الحرب في أوكرانيا بعد قليل.

تُشيّد الولايات المتحدة وحلفاؤها أكبر قوة عسكرية في التاريخ لمواجهة الصين. بلغ الإنفاق العسكري الأمريكي حالياً تريليون دولار (1000 مليار دولار) سنوياً، أي ما يعادل 37% من الإنفاق العسكري العالمي. ويُخصص جزء كبير من هذا المبلغ لتحديث الترسانة النووية.

ولا ترغب الولايات المتحدة في قبول تفوق الصين عليها اقتصادياً، لذا فهي تُشكّل حلقة من الحلفاء العسكريين حول الصين، تضم اليابان وأستراليا والعديد من دول شرق آسيا. وقد صرّح جنرالات أمريكيون رفيعو المستوى علناً بتوقعهم نشوب حرب مع الصين خلال السنوات الخمس المقبلة. اتفق الجمهوريون والديمقراطيون على هذه القضية.

أما ألمانيا، فهي بدورها تستعد للحرب وتُسلّح نفسها على نحو لم تشهده منذ عهد هتلر. ولا تفعل ذلك لأنها 'تابعة' للولايات المتحدة، كما يدّعي أوسكار لافونتين وحزب فاغنكنيشت، بل لأنها تسعى لتحقيق أهدافها الإمبريالية الخاصة. لم تتقبل الطبقة الحاكمة في ألمانيا قط حقيقة اضطرارها للتراجع عسكرياً بعد فشل حرب الإبادة التي شنها هتلر. ويتجلى هذا بوضوح في الحرب في أوكرانيا.

كما هو الحال في جميع الحروب الإمبريالية، لا ينبغي تصديق كلمة واحدة من الدعاية الرسمية. فقد انحدرت وسائل الإعلام الألمانية، ولا سيما ما يُسمى بوسائل الإعلام 'العامة'، منذ الحرب في أوكرانيا على الأقل، إلى أدوات دعائية لحكومة لم تعد تتسامح مع المعارضة.

لم تندلع هذه الحرب لأن عدواً شريراً يُدعى بوتين احتلّ أولًا شبه جزيرة القرم ثم غزا أوكرانيا. كما أنها لا تخدم الدفاع عن 'القيم الغربية' (مهما كان معناها) والديمقراطية. إنها نتيجة لتوسع حلف الناتو المستمر شرقاً بعد تفكك حلف وارسو والاتحاد السوفيتي، خلافاً لجميع التطمينات، وتطويقه لروسيا. لطالما هدد بوتين برد عسكري إذا ضمّ الناتو أوكرانيا وجورجيا ودولاً أخرى إلى بنيته العسكرية. كان الناتو على علم بذلك، واستفز الغزو الروسي عمداً.

هذه ليست مسألة تافهة. ففي نهاية الحرب العالمية الثانية، تفاوض ستالين على إنشاء 'منطقة عازلة' تحت سيطرة الاتحاد السوفيتي بعد أن أودت حرب الإبادة الألمانية بحياة 27 مليون مواطن سوفيتي. هذه القضايا متجذرة بعمق في الوعي الجمعي للشعب الروسي. ولكن بينما تُشير الحكومة الألمانية باستمرار إلى مسؤولية ألمانيا عن المحرقة في الشرق الأوسط، فإن المسؤولية عن حصار لينينغراد، الذي حصد أرواح 1.1 مليون شخص، وعن قتل ملايين الروس من المقاومة واليهود والعمال القسريين وأسرى الحرب، لا يبدو أنها تُذكر.

ونعلم أيضاً كيف كان رد فعل الحكومة الأمريكية عندما نشر الاتحاد السوفيتي صواريخ في كوبا - وهي دولة ذات سيادة - عام 1962. لقد خاطر بحرب نووية. ويمكننا أن نتخيل كيف سيكون رد فعل الحكومة الأمريكية الحالية لو وقّعت المكسيك اتفاقية عسكرية مع الصين ونشرت قوات صينية في البلاد. ستعبر القوات الأمريكية نهر ريو غراندي في اليوم التالي، وستتحول مكسيكو سيتي إلى أطلال.

لعبت ألمانيا دوراً محورياً في التحضير للحرب في أوكرانيا وتصعيدها. ولا نقول هذا اليوم فحسب. ففي عام 2013، تابعنا عن كثب كيف قام أكثر من خمسين من كبار السياسيين والصحفيين والأكاديميين والعسكريين وممثلي قطاع الأعمال، ضمن مشروع مشترك بين المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية (SWP) التابع للحكومة ومركز الأبحاث الألماني 'صندوق مارشال' (GMF) في واشنطن، بوضع استراتيجية جديدة للسياسة الخارجية، نفذتها لاحقاً الحكومة الفيدرالية الجديدة وهي ائتلاف كبير بين الحزب الديمقراطي المسيحي/الاتحاد الاجتماعي المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي.

وحملت الورقة عنوان 'قوة جديدة - مسؤولية جديدة: عناصر السياسة الخارجية والأمنية الألمانية لعالم متغير'. وكتبنا حينها: 'بهذه الوثيقة، تعود البرجوازية الألمانية إلى سياسات القوة العظمى العسكرية بعد حربين عالميتين وجرائم مروعة'.

كان الإطاحة بالرئيس الأوكراني المنتخب يانوكوفيتش، التي رافقها وزير الخارجية آنذاك فرانك-فالتر شتاينماير، أول اختبار عملي لتلك الاستراتيجية. لم تتم الإطاحة بيانوكوفيتش بثورة ميدان سلمية، بل على يد ميليشيات فاشية مثل 'القطاع الأيمن'، التي تمجد متعاونين سابقين مع النازيين مثل ستيبان بانديرا وترتدي شعارات نازية. في ذلك الوقت، التقى شتاينماير شخصياً بزعيم حزب 'سفوبودا' اليميني المتطرف، أوليغ تياهنيبوك.

انهار الجيش الأوكراني تماماً عقب الانقلاب، فبدأت ألمانيا وحلف شمال الأطلسي (الناتو) في بناء جيش جديد وتسليحه. في غضون ذلك، صمدت الميليشيات الفاشية، الممولة في معظمها من خزائن الأوليغارشية الأوكرانية، في شرق أوكرانيا الخاضع للسيطرة الروسية، مروّعة السكان ومُطيلة أمد الحرب. وردّت روسيا بمهاجمة أوكرانيا.

بهذه الحرب، تسعى ألمانيا لتحقيق هدفين رئيسيين سبق لها السعي إليهما وفشلت في تحقيقهما خلال الحربين العالميتين: الهيمنة الاقتصادية على أوروبا الشرقية وأوكرانيا بما تحويه من موارد خام قيّمة. وهناك الآن العديد من الاتفاقيات والمعاهدات التي لا تدع مجالاً للشك في المصالح الحقيقية على المحك. أما الهدف الثاني فهو إخضاع روسيا وتدميرها.

لهذا السبب تُنفق مبالغ طائلة تقريباً على دعم أوكرانيا وإعادة تسليحها، سيتحمل ثمنها في نهاية المطاف الشعب العامل. حاول هتلر الهيمنة على أوروبا من أجل حكم العالم. وفي مواجهة الأزمة العالمية للنظام الرأسمالي، والحرب التجارية، وتصاعد الصراعات الاجتماعية، تسلك البرجوازية الألمانية الآن المسار نفسه مرة أخرى.

إن رفضنا لسياسات الحرب التي تنتهجها الحكومة البريطانية وحلف شمال الأطلسي (الناتو) لا يعني دعمنا لبوتين. وقد أوضح ديفيد نورث هذا الأمر جلياً في خطابه بمناسبة عيد العمال في الأول من أيار/ مايو 2022:

إن الطابع الإمبريالي للحرب التي يشنها الناتو لا يبرر، من وجهة نظر الطبقة العاملة العالمية، قرار الحكومة الروسية بغزو أوكرانيا. وتدين اللجنة الدولية الغزو باعتباره رجعياً سياسياً. لقد تسبب قرار حكومة بوتين بالغزو في مقتل وإصابة آلاف الأوكرانيين الأبرياء الذين لا يتحملون بأي حال من الأحوال مسؤولية سياسات حكومة كييف الفاسدة، كما أدى إلى انقسام الطبقة العاملة الروسية والأوكرانية، وخدم مصالح الاستراتيجيين الإمبرياليين في واشنطن. ... وقد أتاح ذلك القرار للإمبريالية الألمانية فرصة إعادة التسلح على نطاق واسع.

إن المخاطر التي تواجه روسيا الآن، في التحليل النهائي، هي نتيجة تفكيك الاتحاد السوفيتي عام 1991 على يد البيروقراطية الستالينية وعودة الرأسمالية….

ثبتت صحة تحذيرات ليون تروتسكي، التي فصّلها ببراعة في كتابه 'الثورة المغدورة' عام 1936 إذ أدت عودة الرأسمالية إلى إفقار قطاعات واسعة من الشعب الروسي، واستبدال النظام البيروقراطي بحكم أوليغارشي دكتاتوري، والتهديد الوشيك بتفكك روسيا إلى دويلات شبه مستعمرة تسيطر عليها قوى إمبريالية.

إن عجز نظام بوتين عن إيجاد حل للمخاطر التي تواجه روسيا سوى غزو أوكرانيا، وتهديده الآن برد نووي على استفزازات الناتو، لدليل قاطع على الإفلاس السياسي لنظام عودة الرأسمالية. لقد نبذت الأوليغارشية الرأسمالية الروسية، التي تستمد ثروتها من النهب الممنهج للممتلكات المؤممة لدولة العمال، كل ما هو تقدمي في الأسس الاجتماعية والسياسية للاتحاد السوفيتي….

بوتين، العدو اللدود للاشتراكية ولإرث ثورة أكتوبر، عاجز عن توجيه أي نداء ديمقراطي وتقدمي حقيقي للطبقة العاملة الأوكرانية. بل إنه يستحضر الإرث الرجعي للشوفينية الروسية العظمى القيصرية والستالينية.

نحن نعارض حرب الناتو بالنضال من أجل وحدة العمال الأوكرانيين والروس، وإسقاط الأوليغارشية ومصادرة ممتلكاتهم على جانبي الحدود.

يقبع رفيقنا الأوكراني بوغدان سيروتيوك في سجن أوكراني منذ أكثر من عام، حيث يُحرم حتى من أبسط علاجات الأسنان، لمجرد تبنيه هذا الموقف. الرئيس زيلينسكي، الذي انتهت ولايته منذ زمن، يدافع عن 'الديمقراطية'، أي حكم الأوليغارشية الفاسدة، بقمع وسائل الإعلام والأحزاب والأشخاص المعارضين لحرب الناتو. ويرسل عصابات مسلحة في الشوارع لإجبار الشباب على الذهاب إلى الجبهة كوقود للمدافع.

نحن نخوض حرباً ضد حلف الناتو من خلال تعبئة الطبقة العاملة في ألمانيا والولايات المتحدة وجميع الدول الإمبريالية الأخرى ضدها. وتتطور الظروف الموضوعية لذلك بسرعة. فالهجوم المتواصل على الأجور والمزايا الاجتماعية والوظائف والحقوق الديمقراطية اللازمة لجعل المجتمع 'جاهزاً للحرب' يُثير المقاومة وصراعات طبقية شرسة.

وتُعدّ مظاهرات 'لا للملوك' في الولايات المتحدة، التي شارك فيها 7 ملايين شخص، نذيراً لهذا التطور. ويتطلب نجاحها قطيعة مع الديمقراطيين الأمريكيين، وجناحهم اليساري، ومنظمة الاشتراكيين الديمقراطيين الأمريكيين، وحزب اليسار الألماني، وجميع المنظمات الأخرى التي تُبدي انتقادات محدودة لسياسة الحرب والهجمات الاجتماعية، فقط لخلق وهم بأن ضغط الشارع قادر على إجبار الطبقة الحاكمة على تغيير مسارها.

إن المهمة الحقيقية لتلك الأحزاب وقادتها، مثل بيرني ساندرز في الولايات المتحدة، وجيريمي كوربين في بريطانيا، وهايدي رايشينيك هنا في ألمانيا، هي استيعاب المقاومة ومنعها من التوجه ضد المجتمع الطبقي الرأسمالي. وعندما يصلون إلى السلطة، يقوم أمثال أليكسيس تسيبراس في اليونان بالعمل القذر نيابةً عن الرأسماليين.

كما يتطلب نجاح مقاومة الحرب والتقليصات الاجتماعية قطع العلاقات مع أجهزة النقابات العمالية، التي تدعم الحروب التجارية والسياسات الحربية والتحول نحو الإنتاج الحربي، وتنظم عمليات تسريح العمال وخفض الأجور في أماكن العمل، وتقمع أي مقاومة لها.

اتخذت اللجنة الدولية للأممية الرابعة مبادرةً لتأسيس التحالف الدولي للجان العمالية (IWA-RFC)، وتدعو إلى إنشاء لجان عمل في جميع أماكن العمل والأحياء لتنظيم النضال ضد التقشف الاجتماعي والقمع السياسي.

أود أن أختتم عرضي بالفقرات الأخيرة من خطاب عيد العمال لعام 2023، المقتبس من الكتاب المعروض هنا:

لا ينبغي التقليل من شأن المخاطر التي تواجه البشرية. إن المسؤولية الأولى للثوري الحقيقي هي بيان الواقع. لكن هذا يتطلب إدراك أن الواقع الموضوعي لا يقتصر على خطر الحرب العالمية الثالثة وفناء البشرية فحسب، بل يشمل أيضاً إمكانية قيام ثورة اشتراكية عالمية وتقدم هائل في الحضارة الإنسانية.

يتمثل برنامج الأممية الرابعة، الحزب العالمي للثورة الاشتراكية بقيادة اللجنة الدولية، في تحقيق هذه الإمكانية من خلال بناء حركة جماهيرية ضد الحرب الإمبريالية والنضال من أجل نقل السلطة إلى الطبقة العاملة لبناء الاشتراكية في جميع أنحاء العالم. هذه هي الرؤية التي حركت، على الرغم من كل الصعوبات والمخاطر، احتفالنا اليوم بعيد العمال.

Loading